فلسفة المساء

في المساء يبدأ زمن الإسترخاء بالتسلل إلى ذواتنا

و يمنع اليأس من الإختباء خلف كينوناتنا

فتتلاشى بعض الصور الرابضة بمخيلاتنا كي يتسع المكان لمرور ذلك

القرص الذهبي الراحل عن مملكة [ البشر ] ,

ثم تطوى أشياء الصباح لتنفرش فوق طاولاتنا الرمادية أشياء يعشقها المساء ...

وبعيدا عن الأوراق و الأقلام , و أريكة من الصوف الناعم , و الإنتشاء بفنجان شاي أو قهوة تعانق السمرة

بعيدا عن كل هذه الأشياء المغرية للطبيعة [ البشرية ]


و ليس بعيدا عن الأرض تؤلِمنا عضة الجوع , التحاف العراء

لسعة البرد , اكتساح الوباء , و افـتراش الصبر مـع ارتشاف الدمع

و احتضان غصة تبغض هدوء المساء [ ... ]

و ليس بعيدا أيضا عن مكان وقـوفكم أيها النبلاء

ترتجف صرخة وليد تخطفه الشقـاء ,

يتيمة تعود لصغارها بكسرة خبز تتقاسمها عشرة أفواه

مسنة من الخمسينيات تدندن أغنية تحفظها ذاكرتها عن الصبر و الصمت و البقاء

بيد أنها تنجرح حين ملامستها تضاريس الهواء


في المساء

تنتعش الداكرة باللون الرمادي المكتسح للأجساد المتراصة

كلوحة من لوحات رسام منفي يحاكي الخلاء

أو كقطعة موسيقية لم تشهدها الشمس

أو ببساطة كبعض الحجارة الفارغة من جهة القلب


و في المساء

تجد بعض الحيوانات يا أعزكم الله مفترشا في الطرقات

مترقبة أول سيارة فخمة رشيقة شقراء

كي تفترسها بكل أدب و تمدن و لياقة


و تتراكم في المساء أشياء ... و أشياء

كسمفونية تعزف من الخلف أو تعجز عن الغناء