الصلاة وصية الله وهي آخر ما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت، فهل نحن جديرين بهذه الوصية ؟ وماذا تعطينا الصلاة ؟ هل تعطينا في أخرانا فقط أم في دنيانا أيضاً ؟ هل سألنا أنفسنا يوماً ماذا قدمت لنا الصلاة ؟ قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
1. { صل فإن في الصلاة شفاء } من الحسد – الحقد – الظنون ...
2. { من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله } أي في ضمان العناية الإلهية .
3. { ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها } فكيف بالصلوات الخمس لا تضيعهن لأنك لو كسبت الدنيا وخسرت الصلاة فأنت كما يقول السيد المسيح عليه السلام : " ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه " .
4. { من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله عز وجل ما قال معجلاً أو مؤجلاً } فإذا سألت فاسأل الله وأكثر الطلب من فضله وأنت ساجد لأنه أقرب ما يكون إليك .
5. { إن بيوت الله تعالى في الأرض المساجد وإن حقاً على الله أن يكرم من زاره فيها } , هل تستوعب أنك بدخولك المسجد تصبح ضيف الله .
وإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) , إن كنا انتهينا عن فعل الحرام والمعاصي والآثام فنحن نصلي الصلاة الحقيقية التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يعلّمنا إياها من خلال قوله : { صلّوا كما رأيتموني أصلي }.
وكأنّا نراك يا رسول الله في خشوعك وبكائك تصلي بكلّيتك لله رب العالمين مناجياً قائلاً: { وجهت وجهي إليك ووجهت صلاتي وعبادتي ووقتي وحياتي ومماتي إليك }. تصلّي وكأنّها آخر ما تفعله في دنياك .
وهكذا كانت صحابتك عليهم رضوان الله وسلامه. فهذا سيّدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول لابنه: " يا بني إذا صليت صلاة فصلّ صلاة مودع، لا تظن أنك تعود إليها أبداً “.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما طُعن في صلاة الفجر - وقبل الاستشهاد- استفاق من الإغماء بسبب نزيف الدم وأول ما سأل عن صلاة المسلمين هل صلّوا الفجر ؟ ثم بعد مدة أذّن المؤذّن للصلاة، وهو في نزيف حاد فقيل له: " هل تستطيع أن تصلي ؟ " فقال نعم . إنه لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلّى وجرحه ينفث دماً. كيف سيترك سيدنا عمر الصلاة والنبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: " من ترك الصلاة كأنما وَتِر (خسر) أهله وماله. “
وشتّان بين من ينزف ولا يترك الصلاة وبين من لا يصلي ولا شيء يمنعه. وإن الملائكة - كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - يتناوبون فينا بالليل والنهار ثم يعرجون ( إلى السموات) فيسألهم الله سبحانه وتعالى :
" كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون.”
نعم إن الملائكة تقول لله تعالى تركناهم وهم يصلون، ولكن البعض منا يُقال فيهم تركناهم وهم نائمون، تركناهم وهم لاهون، والله توعّد الذي هو ساهي ومشغول عن صلاته حيث يقول تعالى: ( ويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) . وويلٌ: وادٍ في قعر جهنم. فالله يجيرنا من جهنم، ومن أوديتها وحميمها وعقاربها وحيّاتها ويجعلنا ممن يستحق دخول الجنة، وممن رضي الله عنهم ورضوا عنه.